Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
29 août 2012 3 29 /08 /août /2012 15:43

مداخلة السيدة ابتسام بن حفصية بمناسبة يوم القدس العالمي

29 رمضان 1433 – 17 أوت 2012 

 

بسم الله الرحمان الرحيم

عنوان المداخلة :

الصحافة اليهودية في تونس في النصف الأول من القرن العشرين:بين خطر التفرقة وتصدي النخب المسلمة

 "الشيخ محمد صالح النيفر نموذجا ''

يحيلنا العنوان الر ثلاث محاور أساسية:

المحور الأول: الصحافة اليهودية في تونس وهو مبحث لا يعلمه الكثيرون بل قد لا يعلمه إلا بعض الباحثين في مجال الحضارة فهي صحافة بقدر ما كانت فاعلة في عصرها بقدر ما تلاشى ذكرها وطمرت في تاريخنا الحديث.

المحور الثاني:المتمثل في الخطر الصهيوني التي ظهرت حملاته على أعمدة بعض الصحف اليهودية وفي هذا المحور لن نعرف بالصهيونية كحركة ونما سنوضح كيفية توظيفها لبعض الصحف اليهودية لتعميق الهوة بين اليهود التونسيين وأرض الأجداد وتحفيزهم على الهجرة الجماعية إلى إسرائيل من خلال حملات صحفية شعواء ضد النظام السياسي والقضا ئي  ولكن أيضا ضد بقية أفراد الشعب من المسلمين.

المحور الثالث: الشيخ محمد صالح النيفر مشروعه الفكري في التصدي لما يهدد الأمة من خطر الانشقاق والتفرقة وهو مشروع منقسم بدوره إلى قسمين:

1-التصدي المباشر للحركة الصهيونية ومساندة القضية الفلسطينية.

2-تصدي غير مباشر من خلال الدعوة إلى الوحدة الوطنية وتهيأت النشأة دينيا وأخلاقيا لمقاومة مثل هذا الفكر المتطرف.


1/الصحافة اليهودية في تونس في النصف الأول من القرن العشرين:

من الضروري في البداية قبل التعريف بالصحافة اليهودية أن نرفع إي التباس بين الصحافة اليهودية والصحافة الصهيونية.

فالصحافة اليهودية في تونس كانت لسان حال الأقلية اليهودية التي كانت تعبر من خلالها عن همومها وشواغلها وكانت كغيرها من الصحافات خاضعة إلى عدة تجاذبات فكرية وسياسية ولم تكن الصحافة الصهيونية إلا جزءا منها.

نشأت الصحافة اليهودية في تونس مع بداية تدوين الكتابة اليهودية العربية وهي كتابة خاصة باليهود التوانسة ( وهنا لا نعني التونسيين بل "التوانسة" وهو مصطلح يطلق على اليهود الذين يعود تواجدهم في تونس إلى ما قبل ميلاد المسيح)

وهذه الكتابة هي عبارة عن تمثيل صوتي بواسطة أصوات وحركات عبرية للهجة التونسية العامية ثم تطورت هذه الصحافة مع ظهور الصحف اليهودية المكتوبة بالفرنسية لتدافع عن مصالح المجموعة اليهودية وتواكب الأنشطة السياسية والفكرية لمختلف الأحزاب والتيارات السياسية اليهودية الناشطة في تلك الفترة.امتد نشاط هذه الصحافة من نهاية القرن التاسع عشر إلى الستينات من القرن العشرين وقد عرف مسار تطورها ثلاث منعرجات حاسمة:

المرحلة الأولى: المرحلة التأسيسية بداية من سنة 1878 تاريخ إصدار أول صحيفة يهودية تونسية لصاحبها ابراهم الطيب مرحلة امتدت إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى وأكثر ما يميزها علو مستوى الشكل صدورها بالكتابة اليهودية العربية أما على مستوى المضمون فكانت ذات طابع ترفيهي وتثقيفي وتعليمي ولم تكن تحمل في المجمل أهدافا سياسية تذكر وبالتالي فإنها لم تتجاوز في تلك الفترة مرحلة الهواية.

المرحلة الثانية مرحلة الحرفية:

هي مرحلة ازدهار تبلورت فيها الصحافة اليهودية وتجسدت فيها الحرفية على مستوى الشكل والمضمون ومن أهم مميزاتها تحول لغة الكتابة من اليهودية العربية إلى اللغة الفرنسية, وهذا التحول كان نتاجا لحركة التغريب التي خضع لها اليهود والى التغييرات الفكرية والسيسواقتصادية التي طرأت على المجموعة اليهودية في تونس عقب انتصاب الحماية بالإضافة إلى تنام الحركات الوطنية وحركات المقاومة التي وضعت الفرد اليهودي أمام حملة من التساؤلات والمفاهيم المتعلقة بهويته ومدى ارتباطه بالرقعة الجغرافية التي يعيش فيها إذ لم يكن مفهوم الانتماء إلى الوطن واضحا آنذاك لذلك عاشت الأقلية اليهودية في تلك الفترة حالة من التمزق والتجاذب بين "التونسة والفرنسة" إن صح التعبير بين المحافظة والحداثة , بين الديني  واللائكي وهو وضع لم يكن حكرا على اليهود فحسب بل على المسلمين أيضا (وهي نقطة سنأتي على ذكرها لاحقا من خلال حديثنا عن الدور الذي لعبه الشيخ محمد صالح النيفر للتصدي إلى حركة التغريب التي طرأت على المجتمع التونسي) هذه الحركة التي لم تستطع الأقلية اليهودية الصمود أمامها بما أن الخصوصية التي تتميز بها في الدين واللغة والثقافة تغذي فكرة  الاغتراب والإحساس بالدونية أمام اية وضعية  صدامية مع الأخر.

وتعتبر مرحلة ما بين الحربين مرحلة ثرية على مستوى الأحداث السياسية والمتغيرات العالمية والمحلية كما أنها فترة حساسة وحاسمة في تاريخ اليهود المعاصر اذا شهد العالم آنذاك احتدادا للحركة الصهيونية قابلتها نهضة في  حركات المقاومة العربية لذلك اقتضت ظروف المرحلة نشاطا غير عادي في الصحافة التونسية عموما والصحافة اليهودية على وجه الخصوص فكانت هذه الصحف تمثل حقا صدى صوت المجموعة اليهودية على اختلاف تياراتها ومن نتائج المرحلة انقسام اليهود في تونس(وبالتالي الصحافة اليهودية) إلى ثلاث اتجاهات سياسية كبرى.

التيار المحافظ المتمسك بجذوره رغم بعض التحفظات

-التيار الحداثي المتطلع إلى الانعتاق من سلطة القانون التونسي والاندماج في الجنسية الفرنسية

 -التيار الصهيوني التنقيحي المتطلع الى أرض الميعاد.

ويمكن أن نستند في هذا التقسيم إلى مقال صادر في صحيفة المساواة اليهودية صدر يوم 12 جويلية 1929 الموافق للرابع من تموز سنة 5689 بالتقويم العبري في الصفحة الأولى كتبه فليكس بجاوي وهو ملخص فلعليات الاجتماع  الحاخامي الكبير بتونس وقد ورد فيه ما يلي:

''إن كل مسألة يهودية تونسية مهما كانت بسيطة تصبح بسرعة قضية وذلك لسبب وحيد هو أن الرأي العام اليهودي مقسم إلى ثلاث. المتحدثون الثلاث هم ثلاث صحف: المساواة العدالة واليقظة اليهودية.

-الأقل هو لسان حال اليهود المحافظين وهم يؤيدون الاستيطان في فلسطين دون أن يكونوا مؤيدين بصفة خاصة للصهيونية.

الثاني: لسان حال الحداثيين  وهم من أنصار فرنسا.

وأخيرا: اليقظة اليهودية التي لا تمثل بشجاعة الصهيونية فحسب بل القومية اليهودية أيضا'' انتهى

إن هذا المقتطف يلخص كل ما سنأتي على ذكره ويعبر عن واقع الصراع الفكري والسياسي في صفوف اليهود في تونس  كما يراه اليهود أنفسهم كما يبين المقال إلى أي مدى كانت هذه التيارات فاعلة وقادرة على التأثير في المجموعة اليهودية من خلال الترويج لأفكارها وإيديولوجياتها عبر الصحافة. وفيما عدا التيار المحافظ الذي بقي تيارا فكريا ولم يتسم بأي صبغة سياسية رسمية فان باقي التيارات تحولت إلى أحزاب سياسية.

فقد تحول التيار الحداثي إلى حزب سياسي مع بداية الثلاثينات  تحت اسم حزب الحركة والانعتاقاليهودي وهو حزب متأثر في أفكاره وتسميته بالثورة الفرنسية وفلسفة التنوير.

في حين تحول التيار الصهيوني من "الصهيونية الدينية" التي تعتبر موروثا ثقافيا قائما على مفهوم العودة إلى صهيون,إلى "صهيونة سياسية"  ولم تصبح حزبا سياسيا في تونس إلا بداية من سنة   1914 لتأخذ شكلها الثالث مع اندلاع الحرب العالمية الثانية وتتحول إلى" صهيونية التهجير" وأول من شارك في هذا الحزب مجموعة كبيرة من المجنسين المحبطين بعد أن تخلت عنهم فرنسا اثر الاجتياح الألماني

المرحلة الثالثة للصحافة اليهودية هي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثالثة تراجعت فيها الصحافة اليهودية ولم يصدر منها إلا ثلاث عناوين وأولها الصباح التي صدرت سنة 1936 ثم صحيفة ''لابراس'' التي أصدرها هنري سماحة سنة 1936 وأخيرا صحيفة إسرائيل.هذا التراجع له عدة أسباب  أهمها

 - دخول الجيش النازي وتنكيله باليهود في تونس

- هجرة اليهود من أصحاب الجنسية الفرنسية إلى أوروبا اثر خروج الاستعمار الفرنسي

-الهجرة الجماعية المكثفة باتجاه إسرائيل التي حفزها التيار الصهيوني  بتونس الذي كان يتصيد كل شعور بالاضطهاد في صفوف اليهود في تونس ليضيق عليهم الخناق فلا يترك أمامهم إلا خيار الهجرة.

وفي هذا السياق يقول مردوخاي سماجة الأب الروحي للتيار الحداثي في تونس في كتابه "توسيع رقعة التشريع والجنسية الفرنسية '' لقد كان الدين هو الملاذ الوحيد الذي يحتمي فيه أصحاب النفوس الضعيفة لذلك كانت عيونهم موجهة دائما إلى إسرائيل حلم كل إسرائيلي مضطهد. إن إحساس الصهيونية لا يوجد إلا عند الإسرائيليين فقط أما من ينعم بنفس حقوق غيره من المواطنين فان هذا الإحساس مجهول تماما '' انتهى

إن الثغرات التي كانت تعاني منها القوانين المدنيّة و الشرعيّة في القضاء التونسي إلى حدود النصف الأوّل من القرن العشرين مثلت نقطة ايجابيّة بالنسبة إلى التيّار الصهيوني ارتكز عليها لاستقطاب أكبر عدد من اليهود وزجهم أمام بوّابة الهجرة إلى إسرائيل. ما نريد أن نصل اليه في النهاية هو أنّ الصهيونيّة لم تكن نتيجة لأحداث تاريخيّة بقدر ما كانت فكرة تصنع الأحداث لتكتمل فهي خاضعة في نشوتها و تطوّرها لثلاث مراحل أساسيّة :

أوّلا : مرحلة الإيمان المتمثلة في "الصهيونيّة الدينيّة"

ثانيا : مرحلة التخطيط المتمثلة في  " الصهيونيّة السياسيّة"

ثالثا : مرحلة التطبيق المتمثلة في  "صهيونيّة التهجير"

 

لقد استطاعت هذه المدوّنة (الصحف اليهوديّة) أن تواكب نشوء فكرة القوميّة و تطوّرها في مراحلها الثلاث و في كل مراحل بناء الكيان الصهيونية تأسيسه من خلال إبراز وجهات نظر التيارات السياسيّة و الفكريّة اليهوديّة سواء أن كانت محافظة أو اندماجيّة أو صهيونيّة فإنها تتفق رغم اختلاف الدرجات على أهمّية بناء "الدّولة الصهيونيّة" على أرض فلسطينيّة.

وفي هذا السياق يتحدّث "هنري معارك في كتابه النشاط الصهيوني في تونس عن دور الصحف الصهيونيّة في العمل الدّعائي السياسي و يقول " لقد أعطت بعدا جديدا للتطلّعات الماشيحانيّة المبهمة لدى الجماهير ورسّخت في أذهاننا تعريفا أكثر علميّة و واقعيّة للقوميّة اليهوديّة التي ننتظر كلنا ساعة ترميمها لقد مهّدت لنا هذه الجرائد الطريق و جنّبتنا مشقّة الانطلاق من الصفر" انتهى الشاهد

و لا يفوتنا في ختام هذا العنصر أن نشير إلى دور المستعمر الفرنسي في تنام الفكر الصهيوني في تونس انطلاقا من مبدأ "فرق تسد" فكان الاستعمار يغذّي الشعور بالاضطهاد لدى اليهود ليضمن عدم تحالفهم مع أيّة مجموعات سياسيّة وطنيّة في المقابل كان يعمّق فكرة ارتداد اليهود في نظر المسلمين و ذلك بمنح أغلبهم الجنسيّة الفرنسيّة.

 

 

2/الخطر الصهيوني

 

من الثبات أن للصحافة اليهودية في تونس دور هام في انتعاشة الصهيونية فمنذ بداية القرن العشرين بدأت تظهر صحافة صهيونية مستقلة استطاعت أن تثبت وجودها من خلال قدرتها على التأثير في الجماهير الشعبية اليهودية كما استطاعت أن تزاحم بقية الصحف اليهودية على اختلاف اتجاهاتها كذلك بعض الصحف الأخرى الموجودة على الساحة وقد بلغت ذروتها في الفترة الممتدة ما بين الحربين ويذكر ''حاييم سعدون '' وهو أستاذ في الجامعة الحرة في اسرئيل في بحث له بعنوان'' تأثير الصهيونية في العلاقات بين اليهود والمسلمين في تونس'' إن الصحافة الممثلة للتيار الصهيوني في تونس كانت تعد على الأقل 36 جريدة من مجموع 150 جريدة ودورية ''وهذا ما يبين سرعة تفاقم الوعي الصهيوني في المدة الوجيزة التي ظهر فيها هذا التيار في تونس.

ورغم أهمية التيار الصهيوني فإننا لا نرى ضرورة للتعريف به لأسباب عديدة أهمها أن الصهيونية مبحث تناولته دراسات عديدة و ما سنقدمه لن يكون إلا تكرارا لما ذكر أما في هذا العنصر سنحصر اهتمامنا في حركة من حركات التيار الصهيوني وهي حركة التنقيحية  والتي تمثلها جريدة '' اليقظة اليهودية'' وهي من أهم الصحف الصهيونية في تلك الفترة لذلك فإننا سنذ كر بأصول هذا التيار وظهوره في تونس و كيفية توظيفه للصحافة لخدمة مصالحه.

 

تعتبر "الصهيونية التنقيحية" حركة يمينية متطرفة تنتمي إلى حزب "زوهار" التنقيحي الذي أسسه الروسي فلاديمير جابوتنسكي سنة 1925 وهي الأكثر الحركات الصهيونية تعصبا في العالم, فهي ترفض اعتماد الحلول السياسية الدبلوماسية لتحقيق الأهداف الصهيونية وتدعو في المقابل إلى اعتماد الحلول العملية لإقامة دولة إسرائيل مثل السعي إلى تهجير أكبر عدد ممكن من اليهود إلى فلسطين بهدف سرعة تهويدها وإسقاط حق الفلسطينيين العرب فيها بالاظافة إلى عسكرة كل الشباب الصهيوني في المستوطنات أما في تونس فقد كانت بداية الحركة التنقيحية في نفس السنة التي تأسس فيها الحزب

وكان" الفراد فالنسي" مؤسس أول منظمة صهيونية بتونس أول من سارع إلى الانضمام إلى الحزب وأصبح عضوا في مجلسه العالمي و لعل شعبية هذا الرجل ساهمت أيضا في سرعة انتشار الحركة ونجاحها في كل المدن التونسية ومن إفرازات المرحلة ظهور جريدة اليقظة اليهودية التي كانت تعبر عن مطالب التنقيحيين وأرائهم وتحرك الجماهير اليهودية في تونس  وباقي المستعمرات الفرنسية باتجاه الهدف المنشود ''بناء القومية الصهيونية''

كانت أول المهام الموكولة إلى الجماعة التنقيحيين في تونس والى الصحف التي تمثلهم بالإضافة إلى توسع رقعة الوعي الصهيوني جمع أكبر قدر ممكن من التبرعات للمساهمة في بناء الوطن اليهودي فكانت جريدة اليقظة تتولى مهمة التعريف بالصناديق الصهيونية الخاصة بالتبرعات وحث اليهود بكل طبقاتهم على المساهمة فيها ولعل أهم هذه الصناديق هو الصندوق القومي اليهودي  ولعله يجدر بناء أن نقر بأن التيار الصهيوني لاسيما التنقيحي استطاع أن يختصر عمل قرون في بضع سنوات و تجاوز العمل التنظيري إلى العمل التطبيقي المباشر. فكل يهودي في المخطط الصهيوني مجبر على المساهمة من موضعه في بناء الوطن لقد تحولت عملية التبرع لدى الصهاينة إلى عملية تباهي وتفاخر بين المنظمات العالمية وحتى بين الجماعات المحلية ففي مقال صدر بعنوان ''إلى العمل'' حثت جريدة اليقظة اليهود في كل المدن الداخلية على الاقتداء بالجالية اليهودية  في سوسة التي استطاعت إن تقدم للنائب العام للصندوق القومي اليهودي سترازبورغ مبلغا قدره 5 ألاف فرنك وهي عائدات حفل نظمته بتاريخ 24 جانفي 1926 لقد اعتبر التيار التنقيحي المسألة اليهودية مسألة قومية بالأساس لذلك كانت الهوية من أهم القضايا التي طرحتها الجريدة و قد أصدرت سلسلة بعنوان ''هل نحن تونسيون'' صدر أول مقال منها 19 من ديسمبر 1924 ونحن نعتبر أن مقالا كهذا على درجة كبيرة من الخطورة لأنه يطعن في هوية اليهود التونسيين بل أكثر من ذلك فهو يضيق عليهم الخناق ويجعلهم في مواجهة مع ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم. يقول صاحب المقال ''هل نحن تونسيون ؟'' هذا ما يقال وما تؤكده النصوص وما تكرره السلطات العمومية ولكن اليهود أنفسهم المعنيين بالأمر مازالوا يتساءلون إذا كانوا أولا من رعايا الباي. إن لليهود ألف حق في أن يعتبروا أنفسهم أجانب وأن يحولوا أنظارهم باتجاه فرنسا التي تستطيع على الأقل أن تمنحهم قضاء عادلا وتعطيهم الجنسية على أسس صحيحة''.

لقد قابلت النخب المسلمة بقيادة الزيتونيين وعلى رأسهم الشيخ محمد صالح النيفر  الحركات الرامية الى معادات الوحدة الوطنية والقومية والداعية الى التفرقة بين أفراد الأمة الواحدة بكثير من الحذر والصد فبالاضافة الى القضايا الموكولة اليهم مثل مقاومة الاستعمار والفساد في السلطة والفقر والأمية ونشر الدين. كان على الشيخ وجماعته ابداء مواقف صارمة من قضايا لا تقل خطورة مثل تجنيس اليهود والفكر الصهيوني الذي لا يشكل خطرا على البلاد التونسية فحسب بل على الامة العربية.

 

3/الشيخ محمد صالح النيفر ومشروعه الفكري :


في هذا العنصر لا نرى ضرورة للتعريف بالشيخ اذ سبقتنا في ذلك كريمته  الاستاذة أروى النيفر وهي أقدر منا على ذلك إلا انني أستسمحكم  قبل الحديث عن مشروعه الفكري في الوقوف عند نقطة هامة وهي نقطة منهجية شكلت عائقا أمامنا أثناء انجاز هذه المداخلة والمتمثلة في ندرة المراجع الخاصة بتاريخ وانجازات الشيخ وهو أمر مستنكر مقارنة بتاريخ الرجل ونظالاته حتى أننا لا نجد أثرا للحديث عن مشروعه الفكري ودوره في الحركة النضالية ضد الاستعمار في كتب التاريخ المعاصر أو كتب التاريخ في المناهج الدراسية والجامعية وهو أمر في –تقديرنا- يدعو الى الفزع لأن التاريخ في نظرنا حدث مكتمل وكل حدث مكتمل حقيقة والحقائق لا تقبل التأويل والتزييف. الا أن كتابة التاريخ في بلادنا خاضعة لمنطق الاقصاء والغربلة وتسليط الأضواء على شخصيات دون أخرى وهو ما يمكن أن نسميه ''بتسييس التاريخ''.

ان الانظمة  المتعاقبة على البلاد التونسية بصفة خاصة والبلاد العربية بصفة عامة سعت باستمرار الى تسيس تاريخ الفكر وتقديمه للأجيال اللاحقة في الصورة التي تتماشى معا اديولوجياتها  وسياساتها لذلك كان الاقصاء مصير كل مفكر لا يجلس في حضرة السلطان كذلك كانت علاقة الشيخ بالسلطة تلك العلاقة الجدلية السرمدية بين المثقف والسلطان فلا عجب اذ لم نجد ذكرا لمفكر اسلامي مثل الشيخ النيفر بين صفحات تاريخ البلاد التونسية.

إن الكتابة المؤدلجة لتاريخ تونس المعاصر خاصة ما بعد الاستقلال لم تبق إلا على من يتماشى فكرهم مع السياسة العامة للبلاد, فلا أثر لشيوخ زيتونيين في دولة علمانية أو مفكرين قوميين في دولة الوحدة الوطنية (ولكن الخوف, كل الخوف أن لا يكون لهم ذكر أيضا في دولة نظامها إسلامي)

إن عملية طمس الحقائق التي تعرض لها التاريخ الشيخ النيفر النضالي خاصة فيما يتعلق بموقفه من   التيار الصهيوني والقضية القومية دليل قاطع على مكانة الرجل وحجم الخطر الذي كان يشكله على السلطة, والسلطة هنا لا تحمل مدلولا واحدا بل هي متعددة فهي سلطة استعمارية الفرنسية التي كانت تخشى تأثيره في الشباب و دعوتهم للوحدة القومية و الوطنية كما كانت تخشى تعامله مع الألمان وتحالفه معهم.

كما تجسدت السلطة أيضا من خلال الاحتلال النازي الذي كان يأمل أن يتحالف الشيخ فعلا معه ويسانده في تعبئة الشباب ضد المحورو في حرب الإبادة التي كان  يشنها على اليهود والتي رفضها الشيخ.

كما تجسدت السلطة أيضا في الحزب الدستوري التونسي الذي كان يخشى شعبية الشيخ النيفر وجمعية الشبان المسلمين التي فاقت في أحيان كثيرة شعبية الحزب نظرا لأن الوازع الديني كان أقدر على تعبئة الشباب من الوازع الوطني.

إذن كانت السلطة متعددة وأهدافها متباينة لكن المشروع الفكري للشيخ النيفر ثابت وقار وهو نصرة فلسطين والتصدي للصهيونية من خلال الوحدة القومية أولا والوحدة الوطنية ثانية ومقاومة كل أشكال الانشقاق والتفرقة بين أفراد الأمة الواحدة بما فيهم الأقلية اليهودية.

ومن المهم جدا أن نبين أن الشيخ النيفر رغم معاداته الشرسة للصهيونية التي أطلق عليها اسم" الطفل المدلل" فانه كان يفصل تماما بين المسألة الصهيونية والمسألة اليهودية وهذا ما يتجلى من خلال كتاباته إذ كان كثير التعاطف مع اليهود التونسيين ويعتبر مسألة انتمائهم إلى الوطن من المسلمات حتى أنه رفض التعامل مع الألمان على خلاف غيره من النخبة التونسية إذ كان يدرك أن سياسته إجرامية وعنصرية إذ يقول الشيخ: ''والواقع أن الألمان ظلموا اليهود أعرف تلك الدار التي دخلنا فيها كانت فخمة فيها أثاث بلور لليهود ألقوا به في الشارع وسكنوها''

كما كان من النخبويين المسلمين القلائل الذين رفضوا إقصاء المجموعة اليهودية من جمهورية ما بعد الاستقلال.وعلى عكس غيره من الزيتونيين الذين اتهموا المجموعة اليهودية بالخيانة على اعتبار أن لها صلة بالقوى الاستعمارية أبى الشيخ إلا أن يكونوا جزءا من الوحدة الوطنية ويذكر في كتابه أن بورقيبة قد سأله قبيل الاستقلال '' عندما نأخذ الحكم ماذا سنفعل مع اليهود والنصارى'' فقلت ''لهم ما لنا وعليهم ما علينا ''

لقد كان الشيخ مدركا تماما أن العمالة مع الاستعمار لم تكن حكرا على اليهود بل أيضا على بعض المسلمين من أصحاب النفوس الضعيفة والدليل على ذلك أن قضية التجنيس التي كان للشيخ فيها موقفا صارما وجريئا لم تكن حكرا على اليهود فحسب بل سارع إلى اعتناقها عدد كبير من المسلمين.

إلا أن الشيخ كان واضحا في موقفه من الصهيونية ومشروعها الاستيطاني في فلسطين ويعتبر أن الخطر الصهيوني سواء كان على الصعيد الداخلي أو على الصعيد العربي لا يخرج عن إطار الحرب القديمة التي يشنها الغرب على الشرق وأن الكيان الصهيوني ليس إلا ذلك العنصر المريض الذي زرع في الجسد العربي ليبقيه عليلا إذ يقول ''فماذا يسمى بربكم هذا المعلن عنه الذي يقدر الإعلام العالمي أن يخفي واقعه من تشنيع وتدبير وعمل وما تقوم به اليهودية في فلسطين, ومن حرب النصارى وإخوانهم الأمريكان أليس ذلك يمثل ويجسد ويجهر ويحمل رايات الصلبان". لقد رأى الشيخ في الحركة الصهيونية في أهدافها وغاياتها امتداد للحروب الصليبية التي عرفها العرب في السابق إذ يقول''بني قومي وإخواني أعلنها سافرة, حقيقية مفضوحة, فاضحة فلسنا نقدر أن نقول أن الحروب الصليبية ماتت في غضون أحقاب ماضية  هذا هراء, وقلب للواقع بين الورى بل هي حية ترزق قوية في عنفوانها, عظيمة أركانها"

لذلك جند الشيخ نفسه وإخوانه ممن امنوا بمشروعه الفكري على امتداد مسيرته النضالية للتصدي للخطر الصهيوني وكان التصدي كما اشرنا على صعيدين صعيد عملي وصعيد نظري

صعيد نظري متجسد في النقاط التالية

-التعريف بالخطر الصهيوني وفضح أهدافه وغاياته والأطراف التي تدعمه من خلال كتاباته في الساحة المحلية والعربية. - تنمية الوعي السياسي لدى الشباب وتعبئته لمجابهة أي شكل من الأشكال العنصرية والاستعمارية سواء كان الاستعمار الفرنسي والكيان الصهيوني

-التركيز على مفهوم الوحدة والعمل الجماعي وهو صلب المشروع الفكري للشيخ النيفر.

أما على الصعيد العملي فقد تمكن الشيخ خاصة من خلال جمعية الشبان المسلمين أن يغلب العمل على القول فكانت انجازاته تفوق مقالاته إذ اتخذ جملة الإجراءات الهامة في مجابهة الخطر الصهيوني من ذلك تجنيد الشباب المسلم الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 25 سنة للتطوع 1 للمقاومة المسلحة ضد الكيان الصهيوني.

- إصدار فتاوى تحرّم التجنيس للمسلمين و تجرّم تجنيس اليهود باعتبارهم جزءا من الوحدة الوطنيّة.

- جمع التبرعات لفائدة المقاومة العربيّة من خلال بيع قصاصات عنوانها إلى نصرة فلسطين.

ورغم أهمية هذه الخطوات إلا أنّها كانت محاطة بقبضة أمنيّة مشدّدة تحدّ من فاعليّتها  فكان الاحتلال الفرنسي يناصر الصهيونيّة و يتصدّى لمن يهاجمها.

من ناحية أخرى كان للحزب الحرّ الدستوري التونسي يترصّد خطوات الشيخ و يحاصرها مدّعين في ذلك خوف من تقدّم القضيّة الفلسطينيّة على حساب القضيّة الوطنيّة.

الخاتمة

قام الخطاب الفكري للشيخ محمّد صالح النيفر على مقاومة المشروع الصهيوني و سعى إلى الكشف عن طبيعته الاستعمارية و العنصرية و سعى من خلال نشاط في جمعيّة الشبان المسلمين ثم من خلال ترأسه للمجلة تعبئة الجماهير وخاصّة الشباب لمواجهة نشاطات الحركة الصهيونيّة داخل و خارج البلاد التونسيّة و قد تعددت مظاهر دعم الشيخ و جماعته للقضيّة الفلسطينيّة منذ بداية الثلاثينات و لم يتعارض تبنيه لهذه القضيّة مع القضيّة الوطنيّة و مجابهة الاستعمار الفرنسي إذ كان يعتبرهما وجهان لعملة واحدة.

 وفي الختام حاولنا من خلال تحليل هذه العناصر أن نتعرّف على حركة فكريّة اجتماعيّة و سياسيّة كانت تتغلغل و تتبلور في صلب المجتمع التونسي. حركة مختلفة في الفكر في الأسلوب و في الغايات عن المسار العام لباقي المجتمع التونسي

تجسدت من خلال الصحافة اليهودية في تونس

كما حاولنا الكشف عن شبكة العلاقات الخارجيّة المتمثلة في علاقات المجموعات اليهوديّة في تونس بالقوى الاستعماريّة ثم بالكيان الصهيوني و ببعض الأحزاب الصهيونيّة العالميّة أو بعض المنظمات اليهوديّة مثل الرابطة الإسرائيلية العالميّة أمّا شبكة العلاقات الدّاخليّة فهي تطرح جملة من العلاقات بين اليهود و السلطة و بين اليهود و المسلمين في بعديها البسيط و النخبوي.

كما سعينا إلى قراءة صورة الأخر، الأخر المختلف في الفكر و الدّين و العرق في المشروع الفكري و التربوي للشيخ محمّد صالح النيفر الذي فصل فيه كلّيا بين المسألة الصهيونية و بين علاقة المسلمين باليهود في تونس و ذلك من خلال ترسيخ مفهوم التسامح الديني و التركيز على مفهوم الوحدة الوطنيّة.

 

 

 
 

Partager cet article
Repost0
27 août 2012 1 27 /08 /août /2012 13:48

مداخلة السيد شهاب الدين النيفر بمناسبة يوم القدس العالمي 29 رمضان 1433 – 17 أوت 2012

 

بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

 

إن أحداث تاريخنا المعاصر أكدت بصفة واضحة أن ألد أعداء الإسلام بصفة خاصة و أعداء الإنسانية بصفة عامة هم الصهاينة و شركاؤهم.

 مع أنهم أقلية فقد هيمنوا على الأغلبية الساحقة من سكان العالم

·      باستعمال أقذر الأليات و كل الطرق الإجرامية و الجهنمية و ذلك بالربا و الاحتكار مع عولمة  الاقتصاد الذي أصبح  ظاهريا عوض أنا يكون حقيقيا .

و بهذه الطريقة سيطروا على العالم المالي الذي أصبح أداة للغنى الباطل و الفاحش لأقلية على حساب الطبقات الكادحة و المنتجة الحقيقية للثروات .

قال الله تعالى في سورة الحشر الآية 7:" كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ "

و قوله تعالى في سورة البقرة الآية276:" يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ " صدق الله العظيم

·      الاستحواذ على وسائل الإعلام لبث الأخبار الكاذبة و تغليط الرأي العام:

قال تعالى في سورة الحج: " وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ "

·      شن الفتن و إحداث الحروب المفتعلة بين المسلمين. كما تمكن الصهاينة من تجنيد رؤساء و حكومات الدول العظمى و أمثالهم في البلدان الإسلامية و الذين أصبحوا مرتزقة في خدمة هذا الكيان بصفة عمياء

و كان جراء تخاذل و خيانة حكام العرب و البلدان الإسلامية احتلال القدس الشريف و الأراضي الفلسطينية.

ومنذ هذا الاحتلال الإجرامي و المنافي لكل القوانين العالمية ,تجاهل حكامنا و بعض أيمة السلاطين و تناسوا أن أمكانية التصدي لهؤلاء الأعداء و من معهم لا تكون ناجعة إلا تحت راية الإسلام و الاستئناس بالوطنية و العروبة .

فبالنسبة للعرب لنا الحق أن نتساءل لماذا تجاهلوا و تناسوا العنصر الأهم لدي شعوبهم و الذي ذكره العلامة ابن خلدون حين قال: "العرب لا يجمعهم إلا الدين... فإدا تركوه فلا جامع لهم"

 إن حكامنا أخطئوا في حق دينهم و في حق شعوبهم  بهذا التجاهل و التناسي لأن مناعة شعوبهم تكمن في تشبثهم بدينهم وهو الإسلام  و فهم قيمه العالية و العمل بقوانينه العادلة.

وقع هذا التجاهل و هذا التناسي عمدا لإرضاء القوى الظالمة مقابل زينة الحياة الدنيا.

 قال تعالى في سورة الحشر الآية  19 " وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " صدق الله العظيم ...  فكانت عاقبتهم وخيمة و الأمثلة كثيرة .

نتائج تصرفاتهم أدت إلى هزائم متكررة و مرة, مع خيبة شعوبهم, مولدة فيهم اليأس ومركبات النقص.

 و لولا تقوية مناعة شعوبنا من طرف أيمة وشيوخ ملتزمين و شجعان من أبرز علمائنا لانهارت صفوفنا و ذهبت ريحنا بتغرب ديننا في أذهان شبابنا.

ففي هذه الليلة المباركة و الفضيلة من شهر رمضان المعظم و بمناسبة اليوم العالمي للقدس أتيحت لي الفرصة  لإحياء ذكرى من كرسوا حياتهم في خدمة الإسلام و محاربة عدونا الأكبر الصهيونية العالمية.

رحم الله رحمة واسعة قائد الثورة الإسلامية الإيرانية و مؤسس الجمهورية  الإسلامية روح الله الخميني ورحم الله رحمة واسعة رائد الصحوة الإسلامية في تونس قبيل وبعد استقلالها و في الجزائر بعد تحررها من الاستعمار الشيخ محمد صالح النيفر.

وهنا سأذكر قاسمهم المشترك و بعض أقوالهم التي تدل على ذلك

1     إيمانهما بالإسلام كدين لا بديل له و اعتقادهم الراسخ بأن الحماية و النصر لا يكونان إلا من عند  الله عز و جل لا غير ما دام عملهما يرمي إلى نصرة دين الله وتعاليمه

قوتهما الروحية كانت مصدر شجاعتهما و جرأتهما للإصداع بكلمة الحق و التصدي للباطل بدون خوف مع كل المخاطر التي مرا بها أثناء تأدية واجبهما المقدس.

أنهما كونا في أوضاع صعبة وخطيرة و حساسة مجتمعاتهما و أهلوهما لتغيير ما بأنفسهم و أعدوهما لمواجهة الطاغوت الداخلي والخارجي بسلاح العقيدة و الثوابت الإسلامية .  كما كانا رافضين لكل الدعوات المغرية من القوى العظمى ومن حكام بلادهما و متمسكين بالقناعة وزهد العيش مع التصدي للترهيب.

بالنسبة لهما إن تخلي العلماء عن هذا الدور كان سببا في تخلف مجتمعاتنا

يقول الإمام الخميني :" إن الإسلام يُؤَمِن الحرية و الاستقلال و العدالة "                

و يقول الشيخ النيفر:" الشريعة الإسلامية هي كامل نظام المسلم"

2    الدعوة إلى الوحدة و التوحيد مع التحذير من التفرقة و الفتنة يقول الإمام :" إني أدعو عامة المسلمين في جميع أرجاء العالم و الدول الإسلامية أن يتحدوا, فرقوا بين الدول الإسلامية و حتى الحكومات العربية, فإنهم فرقوا بيننا, و خلقوا المعارضة فيما بينهم, و ذلك خشية أن يتحدوا فتنعدم مصالحهم"

و قال الشيخ: " إن تقسيم المسلمين إلى متطرفين و معتدلين, إنما هي لعبة للتخلص من سيطرة قانون الإسلام على الحياة" " سبحانه هيأ لأن يجمع المؤمنين على لسان واحد يتصلون به بقانون الله المحكم, لم يفضل جنسا على جنس أخر"

3      دور العلماء في الدولة الإسلامية و عدم فصل الدين عن السياسة بمفهومها النبيل:

يقول الإمام:" على العالم أن يكون له الدور الهام دون أن يصبح رئيسا للجمهورية,  يجب أن يكون له دور الإشراف فإنه بمنزلة المراقب على الشعب و البلاد"

و يقول الشيخ: " و عمل لأن تكون شرائع الله مطبقة من الإنسان نفسه برقابة الله عز و جل, و من هنا نجد قانون الله يطبق بين المسلمين من أنفسهم"

و يقول الإمام:" إن الإسلام أسمى ديمقراطية من كل الديمقراطيات"  و يضيف الشيخ:" فكرة الديمقراطية وجدت في المذهب المالكي الذي يقول: نقرر شيئا فإذا وجدنا مخالفه و له دليله نرجع إلى القانون المخالف."

 4      راية الإسلام فوق الوطنية و العروبة:

يقول الإمام: « إن ثورتنا إسلامية قبل أن تكون إيرانية, إنها ثورة المستضعفين في أنحاء العالم".

 و قال الشيخ محمد الصالح النيفرعند تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية: " و كان من فضل الله على الناس أن بعث جماعة من المسلمين يطاولون الطغاة و الجبابرة فيكبحون من جماحهم بالقوة التي أمر الله المسلمين أن يعدوا منها ما يرهب أعداء الله و أعدائهم. فكان الحدث الأكبر أن قام على أرض من أراضي المسلمين, جمهورية تستمد من الإسلام لحمتها و سدادها"  ثم و تسامع مستشرقوهم لقول رسول الله: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله"

5     للإمام و الشيخ النيفر نفس الموقف تجاه الصهيونية العالمية و القضية الفلسطينية حيث من خلال مقالاتهم و خطبهم يعتبرون هذه القضية هي قضية كل البلدان الإسلامية, لأن اقتحام بيت من بيوت دار الإسلام يعد اقتحاما لدار الإسلام بكاملها, لذا تحرير الأراضي المسلمة المحتلة و طرد الصهاينة منها واجب مقدس على كل مسلم و مسلمة.

يسعدني في هذا المجلس أن أذكر ما قاله الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو الذي كان شاهدا على عين المكان للثورة الإسلامية, معرجا على مقالة كارل ماركس الشهيرة:" يمكننا القول أن الإسلام من هذا العام 1978 لم يكن أفيون الشعوب و بالتأكيد لأنه كان روح عالم بلا روح"

وأتلو قولة  هذا الفيلسوف الذي يعتبر من أهم فلاسفة النصف الأخير من القرن العشرين بلغته الفرنسية:

"Disons donc que l’Islam cette année 1978 n’a pas été l’opium du peuple, justement parce qu’il a été l’esprit d’un monde sans esprit"        

            Michel Foucault

 

و أختم مداخلتي في هذه المناسبة  بالدعوة إلى علمائنا و الراسخين في الدين بأن يخرجوا من صمتهم الرهيب في الوقت الذي تعاني أمتنا من التحريض على الفتنة بصفة عامة و بصفة خاصة بتونس حيث نشاهد كثرة الجدال الفارغ و المريب حول البنود الأساسية في مسودة دستورنا  الجديد بينما أنهم يعرفون حق المعرفة أن الشريعة التي أمر الله بها هي كامل نظام المسلم لذا يجب أن تكون الركيزة الأساسية لدستورنا و المرجع الوحيد لقوانيننا كما كانت عليه حتى سنة 1956 رغم المستعمر الفرنسي و قبل مجيء الاستعمار المقنع الذي فوض لبورقيبة سامحه الله , أن الإسلام يصنع الإنسان لذا إن الكيان الصهيوني يحارب الإسلام خشية من الإنسان المسلم و خوفا من انعدام مصالحه , وأن  تحرير القدس

 و الأراضي الفلسطينية لن يتحقق إلا من خريجي مدرسة الإسلام الحقيقي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم و الذي ذكره القران الكريم , قال تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "  و قوله تعالى:" وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ " صدق الله العظيم

إن علماءنا الصادقين و الراسخين في العلم و منهم الإمام روح الله الخميني و الشيخ محمد صالح النيفر, أجمعوا على ما لخصهالشيخ العلامة محمد البشير النيفر المفتي المالكي و إمام جامع الزيتونة و هذا ما قاله في المجلة الزيتونية  الصادرة سنة 1374ه – 1955 م – المجلد التاسع في الجزء السادس صفحة 300:

 " علم من صفوة ما مضى على وجازته أن الحكومة الإسلامية على ما يقتضيه  الكتاب و السنة وجرى عليه عمل المسلمين سلفا و خلفا: حكومة ترتبط بالدين كمال الإرتباط و التلازم بين الصورة و ظلها, و لا يحاول أن يفرق بينهما إلا الذين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل و يفسدون في الأرض ..... و أهم فوائد الإبقاء على هذه الصلة بينهما بعد أن علمنا أن الاحتفاظ بما يعد من جوهر الدين, و أن إضاعتها إضاعة للدين و رِدة عنه"

 

Partager cet article
Repost0
25 août 2012 6 25 /08 /août /2012 21:21

مداخلة السيدة   ايمان حسايني بمناسبة يوم القدس العالمي

29 رمضان 1433 – 17 أوت 2012

 

القدس في عيون الشيخ محمد صالح النيفر 

 اعداد : الصحفية والباحثة الجامعية  

                                                               ايمــــــــــــان حسايـنــــــــــــي

                                                                                                                            

1. نشاطه كزيتوني من خلال "جامع الزيتونة المعمور"

2. نشاطه كنقابي من خلال "هيئة العلماء لأساتذة الجامع الأعظم وفروعه"

3. نشاطه كجمعياتي من خلال "جمعية الشبان المسلمين"

 

1-        نشاطه كزيتوني

بدأ الشيخ محمد الصالح النيفر مشواره النضالي ضد الصهيونية داخل "جامع الزيتونة" المعمور فكان مدعما ومشاركا لكل التحركات الزيتونية لطلبة وأساتذة الجامع الأعظم الذين سجل لهم التاريخ مواقف مشرفة في دعم القضية الفلسطينية و التصدي للمد الصهيوني ومن أهمها :

·     دعم القضية الفلسطينية 1934 وانقسام جامع الزيتونة إلى مجموعتين الأولى طالبت بالاضراب العام والتبرع بالمال والثانية معتدلة اختارت الصيام والتبرع بالمال واختار الشيخ محمد صالح النيفر الشق المعتدل وكان من أبرز الناشطين فيه ودعم لجنة الطلبة الزيتونين(1)

·     الاحتجاج والتصدي للباخرة اليهودية "سارة 1" التي رست بميناء حلق الواد 31 ديسمبر 1937 وعلى متنها طلبة و ضباط يهود ونجحوا في إلقاء محاضرة كان سيلقيها ربان السفينة ب"دار الرابطة الاسلامية"

·     تظاهر قرابة 400 طالب وشيخ زيتوني 1 جانفي 1931 ضد عرض الفلم الصهيوني "أرض الميعاد بقاعة الكوليزي مما اضطر السلطات الفرنسية بإلغاء الفلم و تفريق المتظاهرين بالقوة خوفا من وقوع مناوشات(2)

 

 

2- نشاطه كنقابي

لم يكتف الشيخ محمد صالح النيفر بالتحرك و النشاط دعما للقضية الفلسطينية داخل جامع الزيتونة فحسب بل جند نشاطه النقابي الذي فتح له سبيلا في مقتبل شبابه بتأسيسه مع ثلة من الزيتونين "هيئة العلماء لأساتذة الجامع الأعظم وفروعه" سنة 1933 والتي عين عليها شيخا من كبار الشيوخ العائلة النيفرية وهو الشيخ ابراهيم النيفر، في الوقت الذي شغل شيخنا خطة كاتب عام ثاني نظرا لصغر سنه(3).

وقدمت هذه الهيئة سنة 1945 في الذكرى المؤلمة لوعد بلفور عريضة إلى الأمير محمد الأمين باشا باي صاحب المملكة التونسية تحتج فيها على ممارسات الحزب الصهيوني ضد عرب فلسطين وعلى تدنيسهم لهيكل من هياكل الشعائر الدينية الإسلامية وهو ثالث الحرمين الشريفين بمساندة من قادة السياسة بالعالم.

وطلبت هيئة العلماء في هذه العريضة من الأمير التدخل لتأييد عرب فلسطين والدفاع عن الحرم المقدس، خاصة وأن الجالية اليهودية تعيش في تونس منذ أربعة عشر قرنا وتتمتع بجميع حقوقها الدينية والمدنية والسياسية(4).

 وهو مايؤكد وعي الزيتونين في هذه المرحلة بضرورة مساندة السلطة ودعمها للمواقف الشعبية والتحركات الميدانية نصرة لفلسطين المحتلة.

 

3- نشاط الشيخ الجمعياتي

حققت "جمعية الشبان المسلمين" برئاسة الشيخ القيادي محمد صالح النيفر نجاحا باهرا ميدانيا وعمليا في نصرة القضية الفلسطينية حتى بات دور "لجنة إغاثة فلسطين" التابعة للحزب الحر الدستوري التونسي باهتا مقارنة بهذه الجمعية الفتية(5) التي استطاعت بصدق مسيريها والقائمين عليها أن تغلغل في الأوساط الشعبية وتحظى بتأييد جماهيري كبير ساعدها فيما بعد على التصدي للمساعي الصهيونية ومساندة القدس المحتلة عبر مراحل محكمة التنظيم

·       أسست جمعية الشبان المسلمين بمساندة طلبة الجامعة الزيتونية وتأييد أساتذته خاصة الشيخ الشاذلي بالقاضي "لجنة الدفاع عن فلسطين العربية" و"فرع المؤتمر الاسلامي بتونس لحماية القدس الشريف"(6)

·       جندت الجمعية ناشطيها للدعوة الى نصرة القضية الفلسطينية عن طريق الخطب في المساجد والمقالات الصحفية وجمع التبرعات المالية، ولم يكن هذا النشاط خاصا بتونس العاصمة فقط بل امتد على كامل تراب الجمهورية عن طريق الفروع التابعة للجمعية أو التابعة للجامعة الزيتونية كفرع القيروان ومساكن ونفطة.

وخير دليل على نجاح الشيخ القيادي محمد صالح النيفر في تجييش الجماهير الشعبية ضد المد الصهيوني قدرة "جمعية الشبان المسلمين" على انجاح العديد من الاضرابات العامة مثل اضرابي مساكن وطبربة احتجاجا على التقرير الذي أصدرته اللجنة الأنقلو-أمريكية 1946 عقب التحقيقات الميدانية التي قامت بها في فلسطين وهو ما أثبتته الوثائق العامة للحكومة التونسية(7).

تعامل جمعية الشبان المسلمين مع القضية الفلسطينية بصرامة ووضعها ضمن أولوياتها أثار حفيظة أغلب العناصر القيادية للحزب الدستوري الجديد اللذين خشو أن تأثر القضية الفلسطينية على النضال المحلي ضد فرنسا

·              بعد قرار تقسيم فلسطين الصادر عن "الجمعية العامة للأم المتحدة" 29 نوفمبر 1947 دخل جامع الزيتونة وفروعه في اضراب عام، ودخلت "جمعية الشبان المسلمين" أيضا بقيادة الشيخ محمد صالح النيفر مرحلة جديدة من نضالها ضد الكيان الصهيونيه فقد كانت كعادتها سباقة في تلبية نداء الوحدة لنجدة القدس الشريف ونصرة الشعب الفلسطيني بالتطوع للقتال على أراضيها

·              أسست تنظيما جديدا أسمته "اللجنة العليا للدفاع عن فلسطين العربية" والذي قام بدور كبير في تأطير عملية التطوع الى جانب عديد الجمعيات ثقافية والحزب الدستوري التونسي

إلا أن دور"جمعية الشبان المسلمين" كان الأهم والفاعل في عملية التأطير لاحتوائها 140 فرع في كامل تراب الجمهورية وهو ما ساعدها على الوصول الشرائح في مختلف الجهات، ليصل عدد المتطوعين في 30 ماى 1948 حسب مصالح الاستعلامات 2676 متطوعا وهناك مصادر ثانية تقول أن العدد وصل 3000 متطوع

وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة بالمغرب العربي، فالجزائر 110 متطوعا والمغرب لم تتجاوز 25 متطوعا(9).

وكما كان جامع الزيتونة منارة للإسلام في شمال افريقيا وبوابة العبور الى الاندلس من خلال الفتوحات، كان أيضا بوابة العبور الى بيت المقدس من خلال عيون الشيخ محمد صالح النيفر.

حاولت السلط الفرنسية عرقلة المتطوعين كنصبها كمين قاتل قرب"قرية القطار" بالجنوب التونسي لفلاقة "زارمدين" المناضلين اللذين اشتهروا بغاراتهم الشرسة ضد المستعمر الغاشم كما تم  مطاردة المتطوعين بالرصاص من قبل الفرنسيين والبريطانين وعملائهم في ليببا ومصر خاصة.

وبالرغم من كل هذه المعاناة احتج الأبطال على ترحيلهم من مرسى مطروح إلى القاهرة و اضرموا النار في القطار احتجاجا على منعهم من الالتحاق بجبهات القتال بفلسطين(10)

ورغم المرارة التي لحقت ببعض المجاهدين من ظلم الإخوة المصريين وقسوة الإنجليز عند الترحيل إلا أن هناك عددا كبيرا -لم تتوصل المصادر التاريخية الى تحديده- وصل الأراضي الفلسطينية.

و يذكر المقيم العام "مونس" في تقريره الموجود في أرشيف الإقامة العامة 15 جويلية 1948 أن الفرقة الأولى التونسية الطرابلسية تمكنت فعلا من بلوغ بيت لحم ودخلت في معارك خلال النصف الأول من شهر جوان مع القوات الصهيونية واستشهد من التونسيين 11 متطوعا كما تذكر مصادر أخرى أن هناك من سقط في ساحات الشرف على أراض فلسطين و منهم علي بن صالح التونسي (استشهد بيافا 28 أفريل 1948) و عبد الحميد الحاج سعيد وبلقاسم عبد القادر ومحمد التونسي واستشهد أحمد ادريس قرب مستعمرة "راحات رحيل" 21 أكتوبر 1948(11)

والقائمة تطول لأبطال لبُو نداء القدس الشريف وسقو بدمائهم أرضا طاهرة لنا فيها "ميعاد"

 

Ø              إن هذا العمل الجليل الذي قامت به جمعية الشبان المسلمين التي غطت بفروعها كامل تراب الجمهورية وعرفت اشعاعا وطنيا وعربيا واسعين، واستطاعت بفضل الشيخ القيادي محمد صالح النيفر أن تتوغل داخل مختلف شرائح المجتمع وتكون قاعدة جماهيرية كبيرة مكنتها من قدرة عجيبة على المساهمة في نصرة القضية الفلسطينية و تجنيد الشباب للدفاع عن الأراضي المحتلة والذي قد يكون من بين الأسباب التي أزعجت السلطات الفرنسية و الحزب الدستوري التونسي منها على حد السواء، فالأولى حاولت الحد من توسع الجمعية وبعثها فروع جديدة وكان أقصى ما استطاعت فعله التجسس ورصد تحركات الشيخ محمد صالح النيفر بين الفروع عبر تقارير المسؤولين في الجهات، أما الحزب الدستوري التونسي فقد كان يشعر بخطر المنافسة من جمعية الشبان المسلمين لا على المستوى السياسي بل على المستوى الاجتماعي وذلك لنشر الجمعية لإيديولوجيا إسلامية تتعارض مع الرؤية السياسية للمجتمع بعد الاستقلال .

لذلك وإثر الاستقلال وخروج فرنسا افتكت الحكومة الجمعية وتم حلها وعينت على إدارة مدرسة البت المسلمة مديرة يهودية مما أجبر الشيخ القيادي على السفر إلى الجزائر والإقامة هناك مدة سبع سنوات.

أتمنى أن أكون قد قدمت في هذه المداخلة ولو القليل من حق الشيخ القيادي محمد صالح النيفر الذي أعطى لتونس و العالم العربي الكثير، وكان التاريخ معه جحودا جدا، لكني أراهن على الباحثين أصحاب العقول الحية المتقلبة التي تؤمن أنه كما ولَى زمن الرئيس الواحد فقد ولَى أيضا زمن العالم الواحد والقيادي الواحد و المناضل الواحد.

 

 

وأقول ختاما :

"ليس الرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعير

                                          إن الرزية فقد حر بموته يموت بشر كثير"

 

المراجع

 

(1)الصغير علية، (عميرة) في التحرر الاجتماعي و الوطني، فصول من تاريخ تونس المعاصر، المغاربية للطباعة والإشهار، تونس 2010، ص 163.

(2)نفس المصدر، ص 164.

(3)وثيقة خاصة بالشيخ محمد صالح النيفر موجودة بحوزة عائلته

(4)المجلة الزيتونية – دار المغرب الإسلامي، المجلة 6 و7، ص 474-475

(5) التيمومي الهادي، النشاط الصهيوني بتونس 1897-1948- دار محمد علي الحامي  ط 2 تونس  2001، ص 184

(6) نفس المصدر، ص 184

(7)وثائق عامة للحكومة التونسية سلسةA  ص 289 ملف 8 وثيقة 11،12 عن (نفس المصدر، ص184-185)

(8) الصغير علية، عميرة ، ص 167- 168

(9)التيمومي الهادي، ص186 عن Histoire du mouvement national Tunisien 

(10)SRAIEB, Les réactions tunisiennes à la guerre de la Palestine de 1948 dans: les relations entre le Maghreb et le Machrek: des solidarités anciennes aux réalités nouvelles, cahier N°6, Paris, CNRS (colloque d’Aix en Provence 1981).

(11) التيمومي الهادي، النشاط الصهيوني بتونس، ص 187-188.

 

Partager cet article
Repost0
4 août 2012 6 04 /08 /août /2012 22:16

Après avoir écouté attentivement ce soir notre premier ministre,Monsieur Hamadi Jebali,qui a répondu longuement aux questions des trois journalistes qui l'ont questionné sans complaisance sur les sujets importants de l'heure.

 

Par rapport aux sujets évoqués,les réponses de Monsieur Jebali ont été convaincantes.

 

L'impression de sincérité s'est dégagée tout au long de l'interview.

 

Autant nous devons avoir l'esprit critique en dénonçant toute dérive,autant notre devoir est aussi de saluer tout ce qui est objectivement positif.

 

Que le gouvernement puisse continuer à gérer honnêtement notre pays en s'appuyant sur des hommes compétents et intègres de tous bords et sans exclusive.

 

En cette période transitoire et difficile que traverse notre pays,le devoir de tous les Tunisiens de tous bords est d'être unis et sans arrières-pensées électorales ou autres raisons malsaines,afin de permettre à notre pays d'arriver à bon port et sans dommages jusqu'aux prochaines élections.

 

Et pour ce faire,l'appui de tous les Tunisiens au gouvernement est nécessaire pour l'intérêt supérieur de la nation;aussi, l'esprit de division ou de discorde doivent être bannis,l'esprit de chapelle aussi,ainsi que les fausses rumeurs.

 

Notre souhait est de voir la majorité des députés de l'assemblée,dans la concorde et sans esprit malsain,préparer une constitution qui permette d'avoir des institutions permettant l'instauration d'un état de droit dont les sources ne peuvent se puiser que dans notre riche jurisprudence musulmane sunnite-malékite aux contours précis,qui est tolérante et rejette tout excès.

 

C'est la seule voie qui nous permet d'être en symbiose avec notre identité Arabo-musulmane et la seule à même de rendre nos institutions pérennes et qui réponde à l'attente de la majorité de notre peuple.


J'en suis convaincu,et si besoin est,une consultation nationale,par voie de référendum,le confirmera à coup sûr.

 

Que les partis politiques en lice pour les prochaines élections sachent que le salut du pays,son avenir et l'attente de son peuple résident dans une constitution aux sources évoquées ci-dessus.

 

Et c'est seulement les partis et les hommes qui défendraient ces points essentiels réellement et les inscriront noir sur blanc dans leur programme électoral qui auront l'adhésion de la majorité du peuple Tunisien.

 

Et je conclus en citant notre illustre historien Ibn Khaldoun,théoricien et concepteur des sciences sociales,connue sous le nom d'ethnologie :

 

 "العرب لا يجمعهم إلا الدين.. فاذا تركوه.. فلا جامع لهم"

 

 

Partager cet article
Repost0
29 juillet 2012 7 29 /07 /juillet /2012 23:00

Considérant qu'une intervention militaire étrangère telle qu'elle a été opérée en Libye est exclue en raison du veto Sino-Russe, à mon humble avis et d'après mon appréciation basée sur une lecture critique des différentes sources d'informations publiques, le plan Américano-Franco-israélien de déstabilisation de la Syrie s’essouffle et risque d'être stoppé par ceux-là mêmes qui l'ont organisé faute d'avoir été réalisé dans les délais prévus car le régime Syrien a montré une capacité de résistance sous-estimée par les auteurs du plan de déstabilisation.

 

De plus:

- en raison des débordements imprévus et incontrôlés sur le territoire israélien et les pays limitrophes tels que le Liban,

- en raison d'une réaction militaire certaine du Hezbollah qui a laissé de mauvais souvenirs à l'état Hébreu en 2006 et,

- et pour ce qui est de la Turquie, d'éventuelles réactions imprévisibles et incontrôlées des dissidents (kurdes Turcs et  kurdes Syriens), car les gouvernants turcs craignent, à juste titre, une éventuelle insubordination d'une fraction de leur armée quand il s'agira de tirer sur des musulmans,

 

Cette alliance dirigée par les Américains ne prendra jamais le risque d'impliquer directement Israël dans une guerre en cas de déflagration.

 

En effet, l'état Hébreu, s'il employait l'arme atomique, risquerait de disparaître.

Dans une guerre classique, l'armée Israélienne, qui est faussement magnifiée et surestimée, sera mise en déroute avec l'appui d'une base arrière constituée par la puissance de feu de la république islamique d'Iran, qui a non seulement des moyens militaires sophistiqués et efficaces, mais aussi et surtout une armée expérimentée qui a prouvé son savoir-faire sur le terrain lors de sa guerre défensive contre l'Irak, comme elle a prouvé sa capacité organisationnelle et de résistance pendant huit ans de guerre

malgré l'appui matériel, logistique, militaire et financier des américains et leurs satellites d'observation et d'espionnage, l'appui des français par avions super étendards pilotés par des des officiers de l'armée française, ainsi que de plusieurs milliards de dollars fournis par les pays du golfe.

 

Dans un proche avenir,on saura si cette hypothèse sera confirmée ou infirmée par les faits.

Partager cet article
Repost0
20 juillet 2012 5 20 /07 /juillet /2012 11:58

C'est le changement dans la continuité des valets des ennemis de l'Islam,entendez par là Bourguiba & Ben Ali :


le gouvernement actuel, l'assemblée constituante et le président de la république ont assuré la continuité des deux dictateurs cités en avalisant le Code du statut personnel qui fut jugé contraire au Coran et à la Sunna par nos Oulémas(voir mes articles à ce sujet (1) sur ce blog www.ennaifer.ch :),en refusant d'inscrire le droit musulman(la Chariaa)dans notre constitution et aujourd'hui en occultant "Errooya"clairement ordonnée par le coran et la sunnah et ce malgré la recommandation de notre savant travaillant à la Nasa,le Docteur Mohamed El Awsat El Ayari qui a déclaré ,je cite <<... il est impossible que Ramadan commence le vendredi >>.

 

Pour lire un des articles ci-dessous,appuyer sur le lien ou www.ennaifer.ch

 

(1) 

http://0z.fr/E4u5D   Le CSP fut jugé contraire au Coran et à la Sunna par nos Oulémas

 

 

http://0z.fr/ntBu6    http://www.ennaifer.ch/article-le-csp-fut-juge-contraire-au-coran-et-a-la-sunna-par-nos-oulemas-82199877.htmlعلماؤنا أفتوا بمخالفة مجلة الأحوال الشخصية للقرآن و السنة  

 

 http://0z.fr/ByR3z      نقض مجلّة الا حوال الشّخصيّة ـ بقلم ياسين بن علي

 

http://0z.fr/ASWRc      رأي الشيخ محمد الصالح النيفر في مجلة الأحوال الشخصية

 

http://0z.fr/hkNow     Quelle solution pour les femmes célibataires et leurs enfants dits "naturels" ?

 

http://0z.fr/cdthY      قيادة النّهضة أخطأت في حقّ ناخبيها و مناضليها و عليها تدارك الامر

 

http://0z.fr/ucVMn       Refuser la transcription du droit musulman dans notre constitution est une hérésie

 

 

 

 

20
2012
Tunisie : D’après Meteo.tn Ramadan ne peut commencer ce vendredi
 
 

Tunisie : D’après Meteo.tn Ramadan ne peut commencer ce vendredi Comme chaque année, l’arrivée de Ramadan ramène avec lui une polémique qui dure depuis des décennies : Le croissant annonciateur du mois saint sera-t-il visible ? Des consultations des scientifiques ont toujours eu lieu, pour discuter de la possibilité de la vue de ce cher croissant. Mais quelques soient l’avis de ces éminents astrologues, c’était toujours le Mufti qui avait le dernier mot. Les divergences entre les avis scientifiques et les autorités religieuses ont pas mal de fois créé la confusion des Tunisiens, qui se demandent à chaque fois s’ils ont bien jeûné le Ramadan ou s’ils avaient fait une erreur commune. Cette année ne semble pas avoir dérogé à la règle.

En effet, sur le site de l'institut métrologique, un long article démontre clairement que le vendredi 20 juillet ne peut pas être le début du mois saint. D’après notre institut météorologique la lune est totalement absente du champ visuel terrestre dans une large partie du globe terrestre, y compris la Tunisie. Le jeudi 19 juillet, la lune s’est en effet couchée une minute avant le soleil, c'est-à-dire à 19h34 pour la lune, contre 19h35 pour l’étoile. D’où une visibilité plus que réduite, en raison de la présence du soleil et de la rapidité du déclin de la lune.

Tunisie : D’après Meteo.tn Ramadan ne peut commencer ce vendredi

Pour mieux expliquer tous arguments, Meteo.tn a alors publié deux images explicatives : La 1ère, une carte qui montre la zone dans laquelle la lune sera visible (c'est-à-dire l’Amérique Latine et l’Océan Pacifique) et une deuxième qui montre la position de la lune depuis la Tunisie à cette date là. Et d’après cette carte, elle est sous l’horizon. Le seul astre visible dans le ciel sera Jupiter, la plus grosse planète du système solaire. Un article qui vient corroborer l’analyse du savant et astrologue Tunisien, le Docteur Mohamed el Awsat Ayari, qui a affirmé sur les ondes de Shems FM qu’il était impossible que Ramadan commence par le Vendredi.

Tunisie : D’après Meteo.tn Ramadan ne peut commencer ce vendredi

Donc en clair, la Tunisie a choisi de commencer Ramadan en suivant ses voisins arabes plutôt que de se baser sur l’observation lunaire ou encore les analyses des astrologues. Le conflit Scientifiques/Religieux continuera donc, surtout avec le refus de ces derniers d’utiliser les technologies de pointes pour trancher sur ce problème qui divise la quasi-totalité du monde islamique. L’invention Al Shahed (Littéralement Le Témoin) est une de ces technologies qui peuvent remédier à ce problème, et ainsi éviter aux musulmans de ce tromper sur la venue du mois saint, comme l’a été le cas l’année dernière, où les Saoudiens avaient confondu la lune avec Saturne, au point de jeûner un jour en plus.

Seif Eddine Akkari

Partager cet article
Repost0
20 juin 2012 3 20 /06 /juin /2012 19:41

L'initiative de BCE est des plus dangereuses pour notre pays, car compte-tenu de son discours et de la "qualité" des comparses qui l'entourent et qui l'appuient, le doute n'est plus permis:

il s'agit là bel et bien d'une démarche qui tente de donner un coup de poignard mortel à l'état de droit qui risque d'enfanter une dictature dirigée par les nostalgiques des régimes précédents et des opportunistes de tous bords:

-Les possédants des fortunes colossales mal acquises,

-Les délinquants de tous bords et de différentes espèces,

-les valets de l'étranger, véritables mercenaires sans foi ni loi,

 

qu'une justice libre, honnête et indépendante inquiète à juste titre.

 

Contrer cette initiative et la combattre passe par une mobilisation de la majorité des tunisiens honnêtes qui se doit d'éviter de tomber dans le piège de la provocation,

             et avec pour seul mot d'ordre :

 

Préserver l'état de droit et le défendre coûte que coûte en respectant la légalité du gouvernement en place car il est élu et de ce fait il est légitime, sans toutefois s'interdire de le critiquer quand cela est justifié, veiller surtout à la séparation des pouvoirs, judiciaire, exécutif et législatif, et faire pression sur ce même gouvernement afin qu'il applique la loi, toute la loi et rien que la loi, sans état d'âme contre tous ceux qui ont fauté sans distinction aucune, aussi forts et aussi haut-placés soient-ils.

 

Et exiger que toute alternance se réalise par des élections.

 

Quand au scénario égyptien que certains redoutent, c'est par notre unité, notre volonté et notre détermination, par des choix honnêtes et objectifs ainsi que par nos actions et par nos réactions qui ne doivent privilégier que l'intérêt supérieur de la nation que nous saurons démontrer que le scénario égyptien est non transposable chez nous.

 

Bref, en un mot, empêcher toute action illégale, préserver nos nouvelles institutions et défendre l'état de droit, seul garant de la liberté et de la justice.

Partager cet article
Repost0
8 juin 2012 5 08 /06 /juin /2012 22:05

 

Avant Bourguiba, il n'y avait ni administrations, ni écoles, ni hôpitaux, ni tribunaux et ni et ni ..., et pas d'état !!!
 
Entre Hannibal et Bourguiba, c’était le néant en dehors de pseudo-intellectuels oulémas qu'il considérait "obscurantistes".
 
Ainsi, il n'y avait ni vie culturelle, ni vie artistique et ni de périodes glorieuses dignes d’intérêt.
 
Et avec l'apparition du "messie" Bourguiba, le "démocrate", le leader, le combattant suprême, la lumière a jailli en Tunisie car il a eu le courage et la compétence de gérer et de contrôler en même temps et "démocratiquement " tous les pouvoirs : le législatif, l'exécutif et le judiciaire, en réprimant, torturant et en tuant tous les "parasites",
 
Il fut le grand "vainqueur" de la guerre de Bizerte avec tous ses morts inutiles, et le "vainqueur" de la guerre contre l'Islam, l'Islam dit des "obscurantistes", d'après ses appréciations de "faquih",
 
Il fut celui qui a réalisé l'exploit d'élever la Tunisie au rang des pays les plus endettés au monde, bien que ce pays, doté de structures de très bon niveau, n'avait aucune dette lors de son "indépendance".
 
Enfin, parmi ses nombreux "exploits", il usait et il abusait d'une communication à la méthode Coué, celle de la répétition à outrance, celle qui avait fait croire, à plusieurs générations de Tunisiens, tous ses mensonges.
 
Bref, il n' y avait aucune page d'histoire à retenir autre que la sienne, rendant ainsi plusieurs générations sans mémoires et par conséquent sans repères.
 
Ainsi, il a pu assurer son héritage culturel par celui qui l'a démis et qui fut, sous son règne, son instrument répressif préféré.
 
 
Partager cet article
Repost0
3 juin 2012 7 03 /06 /juin /2012 10:26

Je vous propose de visionner cette vidéo d'une durée de 30 minutes, au montage et aux commentaires de très grande qualité, préparée par la BBC pour dénoncer le nouvel agenda politique des gouvernants américains.

 

Voici quelques idées essentielles et importantes parmi d'autres qui ont retenu mon attention :


1/ A une époque où les grandes idées ont perdu toute crédibilité, dans une société qui ne croit plus à rien, la peur devient le seul agenda politique.


2/ Conséquence de ce qui précède, le sens critique a disparu.


3/ La notion de peur d'un futur imaginaire introduit et justifie le principe de précaution qui permet d'agir sans preuves contre une menace supposée, ce qu' un procureur général américain a appelé " Paradigme de prévention "


4/ Maintenant nous voyons une société qui ne croit plus en rien et qui par conséquent craint ceux qui croient à tout !!!


Vidéo à voir et à revoir .

Ps: C'est ce qui avait permis à certains dictateurs Arabes dont Ben Ali d'user et d'abuser d'actes de non droit, souvent criminels, sous prétexte de danger factice et imaginaire appelé  "Kwanjias,salafistes,fondamentalistes terroristes,etc..."


Aujourd'hui l'opposition tunisienne, très minoritaire, se serait elle inspirée de cet agenda pour justifier des revendications non autorisées en démocratie ??

 

 


 

 

 

 

Partager cet article
Repost0
22 mai 2012 2 22 /05 /mai /2012 12:16

Depuis le 14 janvier on sent intuitivement la présence de forces occultes qui téléguident des actions dont les objectifs est de diviser le peuple Tunisien.


Ces objectifs ont été atteints,puisque de toutes parts et partout,différents camps se jettent mutuellement diverses accusations et invectives en occultant les priorités du pays en cette période délicate et sensible de notre histoire.


Pour sortir de cet affrontement injustifié,inutile et suicidaire,il est du devoir de tous les citoyens et principalement les élites honnêtes et désintéressées, silencieuses jusqu'à présent,de se rassembler et d'agir dans l'unité afin d'essayer d'identifier de façon méthodique cette pieuvre maléfique pour que la majorité des tunisiens puissent la dénoncer et la combattre sans se tromper d'ennemi.


Cela passe par des actions unitaires sans esprit de clocher et dépourvues de querelles intestines qui n'ont pas lieu d'être car elles font le jeu de nos ennemis qui s'évertuent à mettre en évidence l'arbre de nos divergences pour cacher la forêt de nos convergences.

 

De la discorde,orientons-nous vers la concorde.

 

Que des associations citoyennes se forment,qu'elles soient composées de vrais patriotes dont le seul souci est l'intêret supérieur de la nation ,qu'elles soient indépendantes,qu'elles tiennent un discours franc et sincère,au dessus de tout soupçon partisan,un dicours qui nous rassemble plutôt qu'un discours qui nous divise.

 

Enfin qu'elles oeuvrent de façon méthodique et honnête et ne diffuser que des informations vérifiées et vérifiables pour être crédibles et suivies par le plus grand nombre.

 

C'est à ce prix que nous sortirons des sables mouvants où nous nous sommes englués et où nos ennemis veulent nous enfermer pour mieux nous dominer.

Partager cet article
Repost0